Follow us


بعد انتخاب الرئيس وتأليف الحكومة، هل يتشجع المغتربون على الاستثمار في لبنان؟

ورد هذا التقرير الذي أعدته سلوى بعلبكي في جريدة "النهار" قبل أيام تحت عنوان: "إيجابية المشهد السياسي تترجم تفاؤلاً... فهل المغتربون مستعدون؟"

...

مع اكتمال المشهد السياسي بانتخاب رئيس للجمهورية وتأليف الحكومة، عاد الأمل باستعادة ثقة المستثمرين بلبنان عبر توظيفات في قطاعات تستقطب اليد العاملة اللبنانية وتحرك العجلة الاقتصادية. فماذا ستفعل الدولة لاستقطاب استثمارات جديدة؟

لا يبدو رئيس اللجنة الاقتصادية في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ورئيس تجمّع رجال الأعمال اللبنانيين في فرنسا أنطوان منسى واثقاً من أن انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة سيساهمان في حل نقاط الضعف الهيكلية في المناخ الاستثماري في البلد، لذا فإنه يؤكد ان المغتربين اللبنانيين لن يتسرّعوا في الاستثمار، بل هم بحاجة الى أن يروا خطوات ملموسة وذات صدقية، تطوّر بيئة الأعمال، لاستعادة ثقتهم. وينطلق من "كون المغتربين اللبنانيين يعملون بجد من أجل كسب رزقهم، وتالياً في حال فكروا في الاستثمار فإن ذلك سيكون بناء على قرار عقلاني جداً، وليس بناء على مفاهيم "رومانسية"، منها "التعلّق بالوطن" أو "الواجب تجاه الوطن"، إضافة إلى الكليشيهات الأخرى السائدة".

إلاّ أنّ لرئيس المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات "ايدال" نبيل عيتاني رأياً معاكساً، إذ اعتبر أن لبنان وعلى رغم ما يحصل في المنطقة بقي محافظاً، بشكل أو بآخر، على حجم استثمار مقبول ومعدل نمو ايجابي. إذ يعتقد أن نمواً بنسبة 1 و2% يعتبر إنجازاً، وكذلك الأمر بالنسبة الى حجم الاستثمارات التي حافظت على معدلها (6.7%) من الناتج المحلي، وهو رقم الكثير من الدول التي تشهد استقراراً لا يمكنها تحقيقه. وهذه الايجابية تعود وفق ما يقول عيتاني، الى الاهتمام الذي يشهده لبنان من المستثمرين اللبنانيين المغتربين وخصوصاً الذين تعرّضت استثماراتهم الى ضغوط في المنطقة (مصر، العراق، سوريا، تونس)، بما زاد من اقتناعهم بأن لبنان ملاذ آمن لاستثماراتهم، بدليل أنه في عامي 2011 و2012 شهد لبنان توسيعاً لاستثماراتهم وبخاصة تلك التي تتعلق بالمشاريع التقنية وتكنولوجيا المعلومات. ويشير ايضاً الى أن الازمة السورية، وإن كان لها بعض التداعيات على لبنان، إلاّ أنه في جانب آخر كان لها اثر ايجابي على بعض القطاعات الانتاجية بسبب فقدان منافسة الانتاج السوري للإنتاج اللبناني بعد اقفال الكثير من المصانع في سوريا وخصوصاً مصانع انتاج المواد الغذائية، مما ادى الى زيادة الاستثمارات بالصناعات الغذائية في لبنان. إلا أن وعلى رغم ذلك، لا يخفي أنه كان ثمّة غياب واضح للاستثمارات الاجنبية والعربية في ما عدا بعض المشاريع الاجنبية الصغيرة في قطاع الخدمات.

هذا الكلام لم يغيّر من اقتناع منسى الذي يأسف بأن المعنيين في لبنان "لا يقومون بأي عمل جدي، ولا يشجعون تالياً المغتربين اللبنانيين على الاستثمار، بدليل سوء المناخ الاستثماري، وتدهور بيئة الأعمال وانخفاض القدرة التنافسيّة للاقتصاد".

فما هي الطريقة التي يراها رئيس تجمّع رجال الأعمال اللبنانيين في فرنسا مناسبة لجذب اهتمام المغتربين اللبنانيين للاستثمار؟ يقترح منسى اطلاق حملة توعية وضغط إعلامي لتنفيذ الإصلاحات التي من شأنها أن تجعل لبنان، مرة أخرى، وجهة جاذبة للمستثمرين. وتتكوّن هذه الحملة وفق ما يقول من جزءين متكاملين:

- يجب أن نتفهّم قلق المغتربين ومخاوفهم. إذ أننا في حاجة إلى القيام بما يلزم لاستعادة ثقتهم، بالتزامن مع تطوير المناخ الاستثماري وبيئة الأعمال وإعادة تأهيل البنى التحتية ليستطيع لبنان المنافسة على استقطاب استثماراتهم.
-
تشكيل حملة الضغط الشعبي من خلال استراتيجية إعلامية تسلّط الضوء على أهمية تطوير البنى التحتية، وتحسين المناخ الاستثماري وبيئة الأعمال عبر خطوات ملموسة وواقعيّة.

إلاّ أن هذه الحملة تتطلّب وفق منسى، الدعم الماديّ لكي تطاول المغتربين اللبنانيين في جميع أنحاء العالم، مقترحاً أن يدعو مصرف لبنان القطاع الخاص اللبناني إلى تمويلها، على أن يتعهد "المركزي" في المقابل ضخّ مبلغ مماثل (matching). علماً أنه لدى القطاع الخاصّ اللبناني كل الحوافز لتمويل مثل هذه الحملة التي ستفيد منها كل القطاعات، مبدياً ثقته بقدرة مصرف لبنان على انجاح المبادرة، نظراً الى إنجازاته المتكرّرة والثّقة التي يحظى بها من الاغتراب اللبناني.

واذا كان منسى لا يرى أن انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة كافيين لتطمين المستثمرين، فإن عيتاني يعتبر أنهما ساهما في خلق نوع من الثقة بالبلد، بعدما فقدت الرؤية خلال الفترة الماضي "لأن الاهتمامات لم تكن منصبة على الاقتصاد والشؤون الاقتصادية التي يحتاجها البلد". ولكن المناخ الذي كان سائدا تبدل اليوم بما سينعكس ايجاباً على عمل "ايدال" التي تعتمد كلياً على الثقة بالبلد لاستقطاب استثمارات جديدة.

وإذ يدرك عيتاني "أن عمر الحكومة الجديدة قصير وهي لإدارة الانتخابات"، إلاّ أن ذلك لا يمنعه من التفاؤل عبر تأكيده أنه سيكون لها تأثير اساسي على الاقتصاد". ويأمل في أن تكون زيارات استطلاع الفرص التي شهدها لبنان الاسبوع الماضي "ليس على مستوى الأشخاص فحسب، بل على مستوى دول جاءت لتشجيع مواطنيها على الاستثمار في لبنان وحجز موقع اساسي لها لمرحلة اعادة سوريا وبناء اسس قواعد اقتصادية لمرحلة ما بعد السلام في هذا البلد"، مرجحاً أن يكون للبنان الدور الاساسي في عملية النهضة السورية.

ماذا تحضر "ايدال" لجذب المستثمرين؟ يوضح عيتاني أنه في العام 2012 اي بعد 10 أعوام على تطبيق قانون تشجيع الاستثمارات، "تقدمنا بالاشتراك مع اللجنة الوزارية المكلفة اعادة تفعيل الاستثمارات في لبنان بمجموعة من الاقتراحات في شأن تعديل المراسيم التنظيمية التي تتعلق بقانون تشجيع الاستثمارات"، آملاً في أن تقرّها الحكومة الجديدة لما سيكون لها من انعكاس ايجابي على كل الوضع الاستثماري.